كيف تدافع النحلة عن مسكنها؟

كيف تدافع النحلة عن مسكنها؟

د. محمد علي أحمد الذيب،

عالم الحشرات من العوالم الكبيرة من حيث عدد الأنواع الموجودة فيه ورغم ذلك فإن الكثير من الناس لا يعرفون الكثير عن أسراره ومكوناته.


النحل من الحشرات الاجتماعية والتي لها عدة أنماط سلوكية مميزة، ولهذا فهي مضرب المثل في الجد والاجتهاد وإتقان العمل. ولكن دعونا نتساءل كيف يتم التخاطب بين أفراد مجتمع النحل الذي يعيش في مسكن واحد (خلية النحل) وله قائد واحد (ملكة النحل). يتم التخاطب بين أفراد الخلية الواحدة بعدة رسائل ومن أهمها استخدام الروائح، هذه الروائح يطلق عليها علمياً اسم الفرمونات (Pheromones) ، والفرمون بالتعريف هو مادة كيميائية تفرزها حشرة من غدة أو غدد موجودة في أحد أجزاء الجسم إلى الوسط الخارجي وتكون هذه المادة بمثابة رسالة كيميائية بين المرسل (الحشرة التي أطلقت الفرمون) والمستقبل (الحشرة أو الحشرات التي سوف تستلم الفرمون). هذه الرسالة الكيميائية يتم تفسيرها ومن ثم العمل بمقتضاها. الجدير بالذكر أن هذه الرسالة نوعية جداً بحيث لا تستطيع أفراد أخرى غير مستهدفة بها من الاستفادة منها. هذا الحال يشبه ما يحدث مع البث التلفزيوني للمحطات الفضائية الذي يوجه فقط لمن يملكون جهاز استقبال معين ومضبوط على ترددات خاصة لا يستطيع من لا يملك نفس الأجهزة والترددات من استقبال ذلك البث.
يستخدم النحل في الدفاع عن مسكنه فرمون الخطر أوالإنذار وهو فرمون تفرزه غدة موجودة في بطن النحلة في منطقة قريبة من قاعدة الإبرة التي تستخدمها النحلة في اللسع. عند اقتراب حيوان ما من الخلية فإن إحدى النحلات تقوم بلسعه وبالتالي فإن رائحة فرمون الخطر تنتشر في المكان القريب من ذلك الحيوان الملسوع فتستجيب بقية النحلات لهذا الفرمون بحالة من الذعر والهيجان وتقوم هي بدورها بلسع ذلك الحيوان وبالتالي ينطلق المزيد من الفرمون وبالنتيجة المزيد من النحل يأتي إلى المنطقة ليشارك في الهجوم والذي هو في حقيقته دفاع عن الخلية وما فيها من الطعام وصغار النحل. يمكن التشويش على فرمون الخطر أو الانذار باستخدام الدخان الناتج عن احتراق بعض المواد العضوية، ولهذا فإننا نجد من يعمل في تربية النحل يستخدم جهاز تدخين بهدف التشويش على ذلك الفرمون من قبل النحلات عند لسعها لذلك الشخص على اللباس الواقي الذي يرتديه. فسبحان الله الذي خلق النحل وعلمه كيف يدافع عن خليته بنجاح.